قساوة ردود الفعل على الإنطلاقة

من الغريب أن تميزت ردود فعل القوى الفلسطينية تحديداً بقساوة غير منطقية على إنطلاقة “فتح”، فقد كالت ” حركة القوميين العرب” الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال، واذكر على سبيل المثال ان رفعت عودة كتب مقالاً في مجلة “الهدف” هاجم فيه مبدأ الكفاح المسلح لمجرد أن “فتح” رفعته شعاراً إستراتيجيا لعملها الثوري.

ورغم أن حزب البعث العربي في سوريا قد إستقبل إنطلاقتنا بالحفاوة ملموسة إلا أن الفرع الفلسطيني في الحزب أثار ضدنا الحملات.

ولكن موقف حزب البعث السوري لم يستمر كما هو إذ سرعان ما تغير بعد حادثة الشهيد يوسف عرابي والشهيد محمد حشمة، وقد شنت ضدنا حينذاك حملة مليئة بالحقد، وقد تم إعتقالنا في 1966.. ولم يكن هذا كله إلا بسبب أننا حققنا بعض الخطوات على طريق الكفاح المسلح في حين انهم كانوا يريدون إحتكار الكفاح لأنفسهم، ومع الأسف أنهم لم يفعلوا.

أما “حركة القوميين العرب” فقد تغير موقفها هي الأخرى وأذكر هنا مؤتمراً لجناحها الفلسطيني عقد عام 1966 كانت قضيتهم الرئيسية هي إنطلاقة فتح وتليت تقارير في هذا المؤتمر تعترف أن “فتح” قد تمكنت من سحب القواعد الشعبية من صفوفنا، فلا بد إذن من تشكيل فريق فلسطيني يمارس الكفاح المسلح كما تمارسه “فتح” وقبل أن تنهي “فتح” وجدنا تماما.. وهكذا تم البدء بتنظيم ” أبطال العودة” الذي تطور فيما بعد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

أما نحن فقد تخلصت ردود فعلنا على مثل هذه الحملات بترداد إيماننا الكلي بأن الكيان الثوري هو الذي يتجسد في النضال والثورة المسلحة على الأرض الفلسطينية ، ومن إيماننا الكلي أن من يفجر العمل المسلح سيقود الساحة الفلسطينية ويتولى زمام القيادة.. والقضية الأخرى المهمة التي شكلت ردود فعلنا هي إعتقادنا بأنه حين تكون هناك علاقات مع الأنظمة العربية فيجب أن تنطلق هذه العلاقات من القوة الفلسطينية ومن الاستقلالية الفلسطينية وطرحنا شعارنا.. لا خاضعة ولا تابعة أو موجهة إلا من شعبنا.

ونأسف أن نقول الآن أن مثل هذا الجدل استمر سائداً فترة طويلة وربما هو سائد إلى اليوم، فنحن ندافع عن منطقتنا والبعض لا يجد إلا الهجوم وترتيب الحملات على هذا المنطق.