لا نخفي على أحد القول أنه منذ اللحظة الأولى لنشوء منظمة التحرير الفلسطينية على يد الأطراف العربية الحاكمة كنا لا نعتبرها إلا محاولة لقطع الطريق على الإرهاصات الثورية التي يحبل بها الشارع الفلسطيني بعد سكون وضم وإلحاق زاد على ستة عشر عاماً.
ولا نخفي على أحد القول أنه رغم تقييمنا هذا للمنظمة ولدورها الخفي إلا أننا إعتبرنا أنها إيطار رسمي يحوز شرعية عربية ولا بد لنا من الإحتفاظ به مع الحرص على اقتحامه والسيطرة عليه.
وقد سهلت قيادة منظمة التحرير مهمتنا حين أخذت بشن الحملات علينا في وقت كانت فيه حركة “فتح” ترسخ رويداً رويداً في الوجدان الشعبي الفلسطيني، وأصبح من الواضح في طريقها لتكون البديل العلمي الأمثل لسياسات الإلحاق والتبعية التي كانت تشكل حقداً لا نظير له في المزاج السياسي للشارع الفلسطيني.
وكان خطأ قيادة المنظمة القاتل أنها لم تجد ما تهاجمنا فيه غير الشعار الثمين العزيز على شعبنا وهو الإستقلال والذي يحمل على الدوام عنوانً بارزاً وأصيلاً وثابتاً وهو الكفاح المسلح، لن تجد ما تهاجمه قيادة المنظمة غير ” الكفاح المسلح” الخيار الذي لا بديل له، والذي بمجرد طرحه و الحوذه على حجم المصداقية فلا بد لصاحبه أن يستقطب الشارع الفلسطيني استقطابا شبه مطلق، وهو الشارع المزدحم بالحقد والثأر والحنين القاتل إلى وطنه وحريته وكرامته واستقراره.
الخطأ القاتل:
وذهبت قيادة المنظمة إلى حتفها بيدها، حين صارعت في اليوم التالي لإعلان إنطلاقة “فتح” وبيان قيادتها العامة لقوات العاصفة الأول، لإصدار بيان نفت فيه عن نفسها شرف المشاركة في الكفاح المسلح الفلسطيني الذي شكل الإعلان عنه إنعطافة بارزة في التاريخ الفلسطيني والعربي.
سقطت قيادة المنظمة من حيث أرادت لنفسها النجاة في وجه سطوع “فتح” وواقعيتها ومنطقها المعبر عن طموحات شعبها.
وهكذا أذاعت منظمة التحرير الفلسطينية بياناً يوم 2/1/1965 أي في اليوم التالي مباشرة على الإنطلاقة قالت فيه..
” ينفي مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان أن يكون للمنظمة أية علاقة بالبيان الذي صدر عما اسمي “بالقيادة العامة للقوات العاصفة” والذي جاء فيه أن بعض قوات هذه القيادة قد قامت بتنفيذ عمليات معينة في الأرض المحتلة.
وينتهز المكتب هذه الفرصة ليؤكد بأن أي عمل عسكري فلسطيني ضد إسرائيل هو من صلاحيات واختصاص جيش لتحرير الفلسطيني الذي يتولى وحده مسؤولية التعبئة العسكرية لأبناء الشعب الفلسطيني من أجل تحرير الأرض المحتلة” إذن فقد سقطت قيادة المنظمة حين اعتبرت نفسها فريقاً يواجه فريقاً آخر، ولم تعتبر نفسها قيادة للعشب كله… سقطت قيادة المنظمة حين اعتبرت أن تحرير الأرض مسألة تتعلق بالإختصاص وتوزيع المسؤوليات..
هكذا فقد سقطت شريعة قيادة المنظمة حين أسقطت بيدها مصداقيتها فأعلنت رفضها للكفاح ضد العدو.
وهكذا كان لا بد من بدء العمل الحثيث والكثيف لإعلان السقوط الرسمي لهذه القيادة، ولابد لفتح أن تعيد تنظيم المنظمة فتلغيها كمنهج وأسلوب عمل وعلاقات وتحالفات.. ولابد “لتفح” أن تعيد الحياة على هذا الجسد الميت والتابع والملحق بالكائنات القائمة التي لا تكاد هي أصلاً أن تملك شرعية وجودها.
وهكذا بدأ العمل لإعادة منظمة التحرير الفلسطينية.
“فتح” تلغي ” وفتح” تبني:
في نشرة خاصة موجه إلى: النواظم ” الناظم هو الطرف الذي يقوم علاقة خاصة مع اللجنة المركزية لحركة فتح، فيكون له موقع ذو حساسية معينة أو أنه قريب من مراكز القرار، وليس من الواجب كشف علاقته مع الحركة فتصبح العلاقة بينه وبين اللجنة المركزية من خلال ناظم “، المستويات الخاصة، قادة المناطق، قادة الأجنحة حددت “لجنة التوجيه الخاص ” في “فتح” المهام الأساسي الواجب توجيه كل الثقل نحوها، وكان من ضمنها ما يتعلق بالموقف من المنظمة وقيادتها وكيفية السيطرة عليها.
وللأهمية الاستثنائية لمثل هذه الوثيقة التي صدرت بعيد الإنطلاقة وكان يحذر تداولها وتبلغ للأعضاء شفوياً ، وكانت تحمل عنوان:” الحركة والكيان المقترح”، نوردها بنصها:
” لقد ثبت لنا بعد بحث ودراسة الكيان الفلسطيني أن هذا الكان بفكرته واقع لا بد من التسليم به وبعدم مقاومته واعتباره مرحلة من مراحل العمل الفلسطيني، وما دام الأمر كذلك فلا بد من ملئ الكيان بعناصر ثورية تؤمن بالخط الفلسطيني وبالثورة المسلحة دون أن يكون الكيان خاضعاً او موجهاً على أن يكون له الهيئة العسكرية المستقلة”.
أولاً : عتبار الكيان مرحلة في العمل الفلسطيني ” وليس بديلاً للثروة المسلحة”
إن الأخذ بهذا المبدأ يفرض علينا أن نقوم بما يلي:-
محاولة السيطرة على اللجنة التحضيرية بنسبة عددية وكيفية، وهذا يعني التأثير على الشقيري بمختلف الوسائل.
محاولة السيطرة على المجلس الوطني بأغلبية عددية.
محاولة السيطرة على اللجنة التنفيذية المنبثقة عن المجلس الوطني.
محاولة ملئ شواغر الدوائر والمكاتب الفلسطينية المختلفة، على أن تترك لجان الدراسة للكفاءات السياسية والحقوقية.
أما لجان التوعية والتنظيم القومي فلا بد أن يكون لنا فيها السيطرة التوجيه.
وإستناداً إلى ما سبق لا بد من إعداد أشخاص معينين لكونوا على إستعداد لهذا العمل.
محاولة السيطرة على جميع دوائر ولجان الكيان في مناطق الخليخ العربي.
ثانياً: بديل المجلس الوطني والهيئات واللجان المنبثقة عنه.
إذ لم نتمكن من ضمان توجيه المجلس الوطني واللجنة التنفيذية والدوائر والمكاتب المنبثقة عنها، فلا بد من العمل على خلق بديل يقف دون تسلط المجلس الوطني وإنفراد اللجنة التنفيذية بالعمل الفلسطيني. والبديل لهذا هو الإسراع في:
خلق الاتحادات والنقابات المهنية حتى تكون مؤسسات دائمة وتنظيمات شعبية جماهيرية لها وزنها في المعركة.
إيجاد اتفاقات ثنائية بينا وبين الجبهات والتجمعات الفلسطينية الثورية الأخرى.
خلق تيار فلسطيني وعربي يرفع شعارات يطالب الكيان تحقيقها.
إفتتاح معسكرات التدريب فوراً
القيام بأعمال الدفاع المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة، إنشاء الملاجئ وأماكن التدرب على الإسعافات الأولية.
تنظيم المقاومة الشعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
المناداه بحرية الحركة والتنقل والإجتماع للفلسطينيين في الأقطار العربية.
السماح بإيجار صحافة فلسطينية حرة في الأقطار العربية.
دعوة المؤسسات العربية الشعبية إلى إقامة المهرجانات، وإنشاء لجان نصرة فلسطين على المستويين الشعب والحكومي.
ثالثا: على المستوى التنظيمي للحركة
على الأعضاء القيام بعمليات واسعة النطاق لاستقطاب المزيد من الشباب الفلسيني الصالح للعمل والتعاون معنا على شكل تجمعات.
تركيز الجهد على مناطق الدود وخلق أجهزة منظمة في جميع مدن وقرى الحدود وخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تعميق علاقة العضو بالحركة:بتكليف جميع الأعضاء بالقيام بأعمال مختلفة في جميع الميادين تحت ستار الكيان.
عمل كادر تنظيمي تسلسلي لتنظيم العمل والمسؤوليات بالنسبة للكيان وتحديدها.
رابعاً:المستوى الشقيري
إدخال التعديلات والتغييرات في الميثاق القومي والنظام الأساسي ليتلاءم مع مبادئ الثورة المسلحة وضمان فلسطينية العمل والتخطيط والقيادة في مختلف المستويات
تحديد الموقف بالنسبة للشقيري والكيان مرهون بتجاوبه معنا على أساس ضمان الأغلبية لنا في العمل الثوري في الكيان، والأضمان عدم وجود وصاية على العمل الثوري الفلسطيني من جماع سياسية مناورة
خامساً: إستمرار محاولة كسب إحدى الدول العربية المجاورة للأرض المحتلة لدعمنا ومساندتنا.
سادساً: على من توجه إليهم هذه النشر تقديم آرائهم ومقترحاتهم حول ما ذكر خلال أسبوع من استلامهم النشرة.
وعاشت فلسطين عربية حرة.
فتح