تساؤلات قبل النشوء

كان السؤال الرئيسي الذي يعجن الشارع الفلسطيني هو:  كيف نبدأ؟  وكان يعززه دائماً تلك المتابعة النهمة التي كانت تختزن الشارع الفلسطيني للتجارب الثورية في العالم،  كالثورة الجزائرية وما حملته من صورة مشرقة صنعت أخدوداً في الوعي الفلسطيني العام،  وكان هناك التجربة الثورية الصينية والتجربة الثورية الكوبية.  وكان شعبنا في مواقع الشتات العربية وفي العالم تطحنه الهموم و العذابات التي لا تنتهي، إذ كان الحجز في المعسكرات المغلقة والتحفظ على الفلسطينيين فيها ليس إلا شكلاً من أشكال تلك العذابات المريرة .. وقد إتسع التجني والظلم العربي الذي إنتشر من القمة إلى القاعدة حيث توجه الشتائم والادعاءات والأكاذيب إلى كل فلسطيني في كل موقع عربي،  وبدأ الفلسطيني في هذه المواقع يواجه إتهاماً باطلاً وظالماً إلى حد لا يطاق،  بأنه هو الذي باع أرضه،  وأنه هو الذي تسبب في النكبة التي حلت به مع أنه معروف تماماً وبالوثائق من الذي باع أرض فلسطين ومن الذي سلمها،  وفضلاً عن ذلك فقد مورست على الفلسطينيين في جميع الأقطار العربية ممارسات قمعية لا حدود لها بهدف منعه ومنع طلائعه من التلاقي والتجمع،  والحرمان من حق العمل السياسي بكل أشكاله.. ولعل الفدائح والمظالم التي مورست في مخيمات شعبنا لم تشهدها العيتوات العنصرية في أفريقيا،  فضابط صغير في قوى الأمن او الجيش في دولة ما كان يتحكم بآلالاف من أبناء شعبنا ويلهب ظهورهم بالسياط بحجة ان فردا من هذا المخيم كان يقوم بعمل يسمونه تخريباً ان يتهم بمحاولة للتآمر على سلطان هذا الحاكم او ذاك.
وفي بعض المناطق كان الضابط يدوس على رقاب المناضلين لمجرد انه كان يقرأ كتاباً عن فلسطين… وكان يجمع الشباب الفلسطيني في مربعات  يوجهون لها حملات الشتائم والوعيد،  ثم ينتقون مجموعة من الشباب والفتيات وينقلونهم إلى مراكز المخابرات ليلهبون ظهرورهم فيموت بعضهم تحت التعذيب ويطلقون من تبقى منهم ليخبروا إخوانهم كي يكونوا مثلا وحتى يثيروا الرعب في المخيم كله في مثل هذا الجو المرعب كانت تطرح التساؤلات: إلى متى؟ وما العمل؟ وكيف نبدأ؟
وكانت الطلائع تتشكل رويدا رويدا وتتجمع لتضع الخطوط الأولى لتشكيل الخلايا الجديدة التي ستأخذ على عاتقها البدء بالعمل الحقيقي من أجل تحرير فلسطين.