لحظة بناء التنظيم

كان تفجير العمل المسلح ضد العدو الصهيوني هو الشاغل الرئيسي لنا في مثل هذه التجربة الأولى.. كان يشغلنا أن نزرع في الوعي الفلسطيني العام فكرة العمل العسكري وإستخدام السلاح ضد العدو وبعد أن ازدحم هذا الوعي بركام هائل من التنظير والعمل العسكري والمعزو والدوغما النظرية.  لكن بعد حدوث التفجير، وبعد أن تحول كفاحنا المسلح إلى حقيقة عملية تكاد تستقطب الشارع الفلسطيني برمته،  شعرنا أن مثل هذه الحالة تتطلب بناء التنظيم القادر على إستيعابها وعلى إعادة صياغتها وإنتاجها في قنوات واطر تبلورها إلى عمل مستمر، بحيث يكون هذا التنظيم هو الناطق باسم هذه الحالة الجماهيرية او المعبر عنها او ممثلها في الصراع الناشب.  وقد شكلت لنا هذه التجربة درسا ثمينا من أجل بدء التفكير بتشكيل حركة فتح.    في هذه الفترة بالذات ،  أي منتصف الخمسينات كان التفكير بتأسيس وبناء حركة فتح قد أخذ ينتقل تدريجياً إلى الفعل كي يصبح واقعاً ملموساً،  والمدهش في الأمر أن مثل هذا التفكير او مثل هذا التوجه أو مثل هذا التوجه كان قد أخذ يتحول وفي نفس الوقت إلى واقع في العدد من مواقع التجمع الفلسطيني،  فظهرت العديد من البؤر التي تلتقي بنفس التفكير والتوجه والرؤيا المشتركة للواقع الفلسطيني والعربي،  في كل من السعودية، الأردن، مصر، الكويت وقطر.  وكان ذلك يشكل في الواقع النويات الأولى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).    الأخ/ الشهيد كمال عدوان كان يشترك معي في هذا التوجه بعد أن عملنا معا خلال فترة مقاومة الإحتلال الإسرائيلي لغزة.    وكان هناك مجموعة من الإخوة في القاهرة قد بدا بالتفكير في بناء التنظيم، كذلك كان هناك مجموعة الخليج،  ومجموعة أوروبا.  كان هذا التفكير رغم التوزيع الجغرافي ينطلق من حقيقة تقول بضرورة الإعتماد على الذات استنادا لسياسة ” ما حك جلدك غير ظفرك”